الشذوذ الجنسي مشكلة أخلاقية تربوية ومشكلة بيولوجية نفسية، قدمت إلى مجتمعنا كما قدم غيرها من المشكلات من مجتمعات تقدس الحرية الفردية المطلقة، وساعد على رواجها في مجتمعنا التقنيات العالمية كالإنترنت والقنوات الفضائية الإنحلالية، وقدوم أنواع مختلفة من الجنسيات في الديانات والمعتقدات والثقافات، إنها مشكلة الإتصال الجنسي الشاذ بين رجل ورجل أو امرأة وامرأة.
ومساهمة في توعية المجتمع والقضاء على هذه المشكلة من بداياتها قبل أن تستفحل في مجتمعنا أقترح الحلول العملية التالية:
1= أن تحدد الجهات الحكومية المسئولة عن إصدار الأحكام حيال هذه الجرائم العقوبات الرادعة لمن يرتكبها، وأن تعيد النظر في ضرورة التشهير بمرتكب الجريمة وذلك ليكون فيه زاجراً لكل من يضعف إيمانه أو تسول له نفسه إرتكابها، فإن كان في عدم التشهير المحافظة على سمعة ونفسية الجاني فمن يحفظ سمعة ونفسية المجني عليه؟، وخصوصاً أن خبر الجريمة إذا انتشر ينتشر معه أيضاً أسم المجني عليه، كما أن في التشهير تحذير لأفراد المجتمع من الوقوع فريسة لأولئك المجرمين الذين يسعون في الأرض فساداً، والله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
2= أن تقوم وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بدورها المنشود في تقوية إيمان أفراد المجتمع وتربيتهم وتحذيرهم من هذه الجريمة الأخلاقية وتوعيتهم بحرمتها، والعقوبات المترتبة عليها في الدنيا والآخرة، وذلك بأن يتناول خطباء الجوامع وأئمة المساجد والدعاة والمحاضرين هذه الجرائم ويرشدوا أفراد المجتمع إلى عدم الوقوع فيها وإلى كيفية تفادي حدوثها، وأن يكون لمكاتبها الدعوية حضورٌ مؤثر وفاعل في المناسبات وأماكن تجمع الشباب، وإستثمارها في التوعية والتوجيه والإرشاد، كما أن عليها إستثمار المنابر الإعلامية -المقروءة والمسموعة والمرئية- في تحقيق رسالتها الدعوية.
3= يناط بوزارة التربية والتعليم ومدارسها دورٌ كبير في وقاية المجتمع من هذا التسوماني الخطير ومعالجته، إذ جميع أفراد المجتمع لابد وأن يلتحقوا بمدارس التعليم العام، فينبغي أن يفعّل محتوى المناهج الدراسية لمعالجة مثل هذه الجريمة تفعيلاً إيجابياً عن طريق المعلمين والأنشطة المدرسية الصفية واللاصفية، كما أن على مديري المدارس والوكلاء والمرشدين الطلابيين دورٌ كبير في متابعة الطلاب وملاحظتهم والتنبيه على بعض السلوكيات التي قد تكون الشرارة الأولى لوقوع مثل هذا الشذوذ.
4= يلقى على وسائل الإعلام بشتى صوره مسئولية كبيرة في مواجهة هذا التسوماني الخطير، إذ إن البعض يتعلم من وسائل الإعلام كيفية إرتكاب هذه الجريمة، وبعضهم تكون وسائل الإعلام داعية له بالإثارة إلى إرتكابها، ولأن وسائل الإعلام هي من أكثر الوسائل تأثيراً على الأفراد فإن على وسائلنا الإعلامية أن تقدم طرحاً يتناسب وقيم مجتمعنا بما في ذلك البرامج الوقائية والعلاجية لهذه الجرائم.
5= يتحمل الآباء وأولياء الأمور مسئولية جسيمة في تربية أبنائهم وأفراد أسرهم بتقوية الوازع الديني وتحذيرهم من الوقوع في مثل هذه الجريمة، ومتابعتهم والمحافظة عليهم، ومصارحتهم أحياناً عند التوجيه فقد لا يكفي التلميح لإيصال الرسالة، وتوفير الوسائل المشروعة لترفيه أبنائهم، والبعد عن توفير الوسائل التي تدعو إلى إرتكاب الجريمة الأخلاقية.
6= أن يستشعر كل فرد من أفراد مجتمعنا بدوره في مواجهة هذا الخطر الجنسي، فإبتعاده عنه أصلاً واجب شرعي ففي الحديث: «وما نهيتكم عنه فاجتنبوه»، وتوعيته بأضراره ومخاطره خير له ولمجتمعه قال تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر}، وتحذيره منه مطلب إنساني وإسلامي ووطني فالساكت عن حماية مجتمعه من هذا الجرم شيطان أخرس، ومن إعتدى على غيرك اليوم يعتدي عليك أو على أحد أفراد عائلتك غداً.
• أخيراً: ومع هذه الحلول والمقترحات العملية لا نتوقع أن يخلو مجتمعنا تماماً من هذه الكارثة التسومانية، ولكني أعتقد أنها ستتقلص إلى أن تصبح حالات فردية، وإن تشأمنا فإنها ستبقى ولكن لن تكون كارثة تسومانية وإنما كارثة فقط.
الكاتب: د. حمد بن عبد الله القميزي.
المصدر: موقع المستشار.